Friday, February 15, 2008

أمضى و كأنه لا شئ هنالك


عزيزتي روز

احاول أن اتماسك و اظل امضى و كأنه لا شئ هنالك قد تهشم بداخلى

معني ان تهرب من ذاتك و توهمها أنها عادت كما سبق لهو أمر في غاية الصعوبة حقا .. أن تخدع نفسك.. ليس بالامر الهيّن على الاطلاق و كذلك مواجهتها ... لا مفر من الاختيار .. و قد اخترت تحاشى المواجهة الآن كيفما استطعت فالعواقب لن يمكن توقع سوءها على الاطلاق

عزيزتي

أمضى هذه الايام فى منزلى معتكفة عن الاخرين ... لا اطيق الان الاجابة عن اسئلتهم الخرقاء عن صحتى و احوالى و سبب النقصان الغريب فى وزني و اصفرار بشرتي .. أتركهم يخمنون .. أهى تلك الانيميا عادت مرة أخرى أم بسبب احوالى المالية المتدهورة أم أنه عملى الذي اوشك على تركه مللا و لعدم اقتناعي بفائدته سوى انه يجعلنى اؤمن بأن بعض الناس خلقوا لكي يساقوا كما البعير و انى اصبحت منهم رغم انفي.. او دراستى التى اوشك ان اتحول بسببها الى زومبي اخر

اتحامل على نفسي محاولة سبر اغوارها لكي انير بداخلى الطريق -الذي انطفئت معظم نجومه- قليلا اعلم اين اقف و الى اين اتجه و ماهية الهدف فيصيبني الفشل تلوالفشل لالوم نفسي على مجرد التفكير فى اعادة تلك المحاولات الساذجة مرة اخري

عزيزتي

عندما اخبرتك بما حدث و رأيت دموعا فى عينك تظهر في صوتك المتهدج و انت تتظاهرين امامي بالقوة و الحكمة و تحاولين احتوائي .. شعرت بالذنب تجاهك يغمرني .. ما ذنبك فى سماع مالا يمكن احتماله سوى انك صديقتي .. أتراك تكرهين صداقتنا الان أم انك تشكرين الله على وجودك بجوارى لمنعى من استمرار السقوط الى الهاوية و سعيدة فى اننى عدت للكتابة اليك بعد غياب طويل ,, كما تقولى اسعد بوجود تلك المحن التى تقرّب بيننا المسافات مرة اخرى .. يالا قلبك النقي يا صديقتي

اعلم انك عاجزة عن الاخذ بيدي كما تريدي بسبب بعد المسافة بيننا و لكن مجرد الكتابة اليك و انت تمثلين ضميري هذا الحاضر الغائب تريحيني كثيرا.. كم اتمني ان اجدك امامي الان لابكي في حضنك الدافئ حتي تجف مدامعي و انتي لا زلت تربتين على كتفي و تعبثي فى خصلات شعرى الثائرة حتى انام بين يديك فلا تهاجمني تلك الكوابيس المزعجة التى اضحت تؤرق منامي كل ليلة

شكرا لك على استلام خطاباتي حتى ان لم يسعفك وقتك بالرد عليها فيكفي اننى على يقين بانك تهتمي بقراءة كل حرف فيها... و لا تقلقي ساجتاز هذه المحنة النفسية لكني اثق فى اننى لن اعود كما كنت ... جزء اخر قد كسر و ساحاول جمع اجزاؤه بيدي المهزوزتين دائما

هكذا انهت روز خطابها و اعادت قرائته ثم ذيلته بتوقيعها و وضعته فى المظروف الخاص به ثم سارت كعادتها الى تلك البحيرة الكبيرة الواقعة قرب منزلها .. فألقت عليها نظرة طويلة و رمته فيها دون تردد

و استدارت عائدة الى منزلها في صمت و هي تمسح بقايا دموع متجمدة على وجنتيها

8 comments:

Anonymous said...

Nothing ventured, nothing gained

الطائر الحزين said...

مش عارف اقول لك ايه

ليس معنى اننا نفعل الاشياء الصحيحةة من وجهة نظرنا ونصطدم بالواقع

اننا نمشى مع التيار ونساق كما البعير

لكن اعملى الخير والحق
وانتظرى الأجر من الله


هونى على نفسك

فك الله كربك

the others said...
This comment has been removed by the author.
the others said...

ربما هو السؤال الذي طالما عجزت عن اجابته ..طريقي في الدنيا رسالتي ايه أنا هنا ليه ..
لا أعلم له جوابا لكن كل ما أعلمه أن ما يميزك عن باقي بني جلدتك متأصل داخلك متوحد مع روحك هذا التوحد ربما لا يجعله فريدا من وجهة نظرك لشدة تأصله بداخلك تحسبه شيئا عاديا ليس فريدا ذاتيا

أو ربما الحاحك في معرفة الإجابة هو السبب فقط انتظري دي عقلك اللاوعي يعمل استرخي ولا تجهدي نفسك ..وابحثي في طريق آخر لا تغلقي أبواب الحياة في وجهك فمن المؤكد أنك لم تطرقي الباب المناسب الذي ما زال ينتظرك ..وثقي بالله واطلبي منه أن يعينك في تلك الرحلة حيث تبحثين عن ذاتك فهو لم ولن يخيب أملك
تحياتي

Anonymous said...

hmmmmmmmmmm!

I have to share this story with U

who moved my cheese?


ذات مرة ، ومنذ وقت بعيد في أرض بعيدة ، كان هناك أربع شخصيات صغيرة تجري داخل متاهة بحثاً عن قطعة جبن تطعمها ؛ لتحيا حياة سعيدة

وكان منها فأران اسمهما " سنيف " و " سكورى " ، وقزمان يماثلان في حجمهما حجم الفأرين ، ولكن تصرفاتهما كانت تشابه كثيراً تصرفات البشر اليوم ، واسماهما " هيم " و " هاو

وبفضل حجميهما الصغير كان من السهل عدم ملاحظة ما كان يقوم به هؤلاء الأربعة ، ولكن إذا نظرت إليهما عن كثب ، يمكنك أن تكتشف أكثر الأشياء إثارة للدهشة


كان الأشخاص الأربعة يقضون كل يوم وقتاً داخل المتاهة باحثين عن الجبن .

وكان الفأران سنيف و سكورى وهما لا يملكان سوى أسنان قارضة وغريزة قوية يبحثان عن قطعة الجبن اللذيذة التي أحباها كما هو حال جميع الفئران

أما القزمان هيم وهاو فقد استخدما عقليهما مع الاستعانة بالعديد من المعتقدات من أجل البحث عن نوع مختلف تماماً من الجبن مميز عن غيره ، وكانا يعتقدان أنه سيجعلهما يشعران بالسعادة والنجاح


وعلى الرغم من أن هناك اختلافاً بين الفأرين والقزمين ، إلا أنهم جميعاً يشتركون في شيء ما : أن كلاً منهم يقوم كل صباح مرتدياً بدلة العدو وحذاء الجري ، تاركين منازلهم الصغيرة ؛ حيث يبدؤون السباق داخل المتاهة باحثين عن الجبن المفضل لديهم.

كانت المتاهة عبارة عن ممرات وحجرات يحتوي بعضها على جبن لذيذ ، ولكن كان بها أركان مظلمة وممرات مسودة لا تؤدي إلى شيء ، وكان من السهل أن يضل أي شخص فيها .


وبرغم ذلك ، فمن يجد طريقه داخل هذه المتاهة ، يجد ما يجعله يستمتع بحياة أفضل

استخدم الفأران سنيف و سكورى طريقة المحاولة و الخطأ البسيطة وغير المجدية للبحث عن قطعة الجبن ، فقد كانا يدخلان أحد الممرات ، و إذا وجداه فارغاً تركاه وانتقلا إلى غيره

وكان سنيف يشم الجبن باستخدام أنفه الكبير ، وبناءً عليه يحدد الاتجاه الخطأ ، وكثيراً ما ارتطما بالجدران


وعلى الرغم من ذلك ، فقد استخدم القزمان هيم وهاو طريقة مختلفة تعتمد على قدرتهما على التفكير والتعلم من خبراتهما الماضية ، ولكن كانا في بعض الأحيان يرتبكان بسبب معتقداتهما وعواطفهما

أخيراً ، اكتشف الجميع ما كانوا يبحثون عنه ، ووجد كل منهم ذات يوم نوع الجبن المفضل لديه في أحد الممرات في " محطة الجبن ج " .

وبعد ذلك تعودت الشخصيات الأربع كل صباح على ارتداء ملابسها والتوجه إلى محطة الجبن " ج" ولم ينقضِِِِِِِِِِِِِِ وقت طويل حتى تعود كل منها على هذا الروتين في الوصول إلى قطعة الجبن .

استمر كل من سنيف و سكورى في الاستيقاظ مبكراً كل يوم و الدخول في سباق خلال المتاهة ، وعادة ما كانا يتبعان نفس الطريق

وحال وصولهما إلى وجهتهما يتخلص الفأران من حذاء العدو ، ويقومان بربط حذائيهما حول رقبتيهما ، حيث يسهل عليهما الوصول إليهما سريعاً عندما يحتاجانهما مرة أخرى ، ثم يستمتعان بالجبن .

وفي البداية ، كان كل من هيم و هاو يقومان بالتسابق تجاه محطة الجبن " ج " كل صباح ليستمتعا بالطعم اللذيذ لقطعة الجبن التي طال انتظارها .
ولكن بعد فترة ، اتبع القزمان روتيناً مختلفاً


كان هيم و هاو يستيقظان كل يوم في وقت متأخر ، ويرتديان ملابسهما في بطء ، ويمشيان إلى محطة الجبن " ج " ؛ فقد عرفا مكان الجبن الآن ، وكيف يذهبان إليه

لم يكن لديهما فكرة عن مصدر الجبن أو من الذي يضعه في مكانه و إنما افتضا وجوده هناك .

و بمجرد وصول هيم و هاو إلى محطة الجبن " ج " كل صباح ، يستقران ويشعران بأنهما في منزلهما ، ويقومان بتعليق ملابسهما وخلع حذائيهما ، وارتداء خفيهما ، وكانا يشعران بالارتياح والاطمئنان في ذلك الوقت ؛ لأنهما وجدا الجبن .


قال هيم " ما أعظم هذا ؛ هنا جبن يكفينا مدى الحياة " وشعر القزمان بسعادة غامرة وبنجاح باهر ،واعتقدا أنهما الآن يعيشان في أمان .

لم يمض وقت طويل حتى اعتبر هيم و هاو الجبن الذي وجداه في محطة الجبن " ج " خاصاً بهما . لقد كان بمثابة مخزن الجبن الذي انتقلا في النهاية إلى الإقامة بالقرب منه ، ورسخا نوعاً من الحياة الاجتماعية حوله .

وليشعرا بأنهما في منزلهما ، قاما بتزيين الجدران ببعض الأقاويل ، حتى إنهما قاما برسم صور للجبن لرسم الابتسامة على وجهيهما ، ومن هذه الأقاويل :

امتلاك الجبن يشعرك بالسعادة



في بعض الأحيان ، كان هيم وهاو يقومان باصطحاب أصدقائهما ليروا أكوم الجبن المخزنة لديهما في محطة الجبن " ج " ، ويشيران إليهما بفخر قائلين : " ياله من جبن رائع ، أليس رائعاً ؟ " وكانا يتقاسمان الجبن في بعض الأحيان مع أصدقائهما ، وفي أحيان أخرى لا يقومان بذلك .
وكان هيم يردد " إننا نستحق هذا الجبن ، فقد تعين علينا العمل بالتأكيد لوقت طويل وبجد حتى نحصل عليه " ثم يلتقط قطعة طازجة ويلتهمها .
وبعد ذلك ، يستسلم هيم للنعاس كعادته .


كانا يعودان كل يوم إلى منزلهما ممتليء المعدة بالجبن ، ويعودان كل صباح بثقة تامة في الحصول على المزيد

واستمر ذلك لفترة من الزمن .


وبعد مرور بعض الوقت ، تحولت ثقة هيم و هاو إلى تكبر وغطرسة ، وسرعان ما أصبحا واثقين جداً لدرجة أنهما لم يلاحظا ما كان يحدث .


وبمرور الوقت ، استمر سنيف و سكورى في طريقتهما ، فقد كانا يصلان مبكرين كل يوم ويشمان محطة الجبن " ج " ويهولان حولها ويتحسسان المنطقة ؛ ليريا ما إذا كان قد حدث ثمة تغير عن الأمس ، ثم يجلسان و يقضمان الجبن .


وذات صباح ، وصلا إلى محطة الجبن " ج " ليكتشفا عدم وجود الجبن .

لم يندهشا لذلك ؛ حيث إنهما لاحظا ان مورد الجبن كان يتناقص كل يوم ، وكانا مستعدين لذلك المصير الحتمي ، وكانا يعرفان غريزيا ما سيقومان به

نظرا لبعضهما البعض ، وخلعا نعليهما اللذين كانا قد أحكما ربطهما في عنقيهما و أعادا ارتداءهما وأحكما الرباط .

ولم يغاليا في تحليل ما حدث ولم يكونا مكبدين بالمعتقدات المعقدة

فبالنسبة للفأرين كان كل من المشكلة و الحل بسيطاً ، حيث تغير الموقف في محطة الجبن " ج " ؛ لذا فقد قرر سنيف و سكورى أن يتغيرا .


نظر كلاهما إلى المتاهة ، ورفع نيف أنفه واشتم ، ثم أشار برأسه إلى سكورى الذي انطلق مهرولاً خلال المتاهة ، بينما تبعه سنيف بأقصى سرعة يتحملها .

وانطلقا سريعاً بحثاً عن جبن جديد .


وفي وقت متأخر من نفس اليوم ، وصل هيم و هاو إلى محطة الجبن " ج " لم يكونا يعيران للتغيرات الطفيفة التي كانت تحدث كل يوم اهتماماً ؛ لذا فقد اعتبرا وجود الجبن هناك أمراً مسلماً به .
ولم يكونا مهيئين لما وجدا .

صاح هيم : " ماذا ! ألا يوجد جبن ؟ " . واستمر في صياحه : " ألا يوجد جبن ؟ ألا يوجد جبن ؟ وكأنه عندما يصيح بصوت عالٍ سيأتي شخص ما ويعيد لهما الجبن

و أخذ يصرخ قائلاً : " من الذي حرَك قطعة الجبن الخاصة بي ؟ "

و أخيراً ، وضع يديه على فخذيه واحمرَ وجهه وصاح بأعلى صوته : " ليس هذا من العدل ! " .


وكل ما فعله هاو هو أنه حرك رأسه في حالة من عدم التصديق ؛ فلقد اعتمد هو الآخر على وجود الجبن في محطة الجبن " ج " . وتوقف في مكانه لوقت طويل في حالة من الذهول من هول الصدمة؛ فلم يكن مستعداً لهذا .


كان هيم يصرخ ببعض الكلمات ، ولم يكن هاو بحاجة إلى سماع ما يقوله هيم ؛ فلم يكن يرغب في التعامل مع ما واجهه ؛ ولذا فقد أطاح بكل شيء .


لم يكن تصرف القزمين لائقاً أو منتجاً ، ولكنه كان مفهوماً .

فالعثور على الجبن لم يكن بالأمر اليسير ، وكان يتطلب عملاً من جانب القزمين أعظم من مجرد الحصول على كم كاف من الجبن كل يوم .


فالعثور على الجبن كان بالنسبة للقزمين هو السبيل الذي اعتقد أنه هو كل ما يحتاجانه للوصول إلى السعادة ، حيث كان ما يرونه عن مدى أهمية الجبن لهما يقف عند طعمه اللذيذ .

فلأحدهما ، كان العثور على الجبن مجرد شيء مادي ، أما الآخر فقد كان يعني له الاستمتاع بصحة جيدة أو الوصول إلى الإحساس بوجوده.


بالنسبة لهاو ، كان الجبن يعني مجرد الإحساس بالأمان والشعور بأنه ذات يوم سينعم ببناء أسرة سعيدة مع العيش في كوخ يملؤه الدفء .

اما هيم فالجبن عنده أصبح يعني الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين ، مع امتلاك منزل كبير على أحد المرتفعات .


ونظراً لان للجبن اهمية خاصة عندهما ، فقد أمضى كلاهما وقتاً طويلاً في محاولة اتخاذ قرار بشأن ما يتعين عليهما فعله تجاه ما حدث

كل ما كانا يفكران في فعله هو التحديق في محطة الجبن " ج " الخالية من الجبن ليتيقنا من حقيقة اختفاء الجبن .


وبينما تحرك سنيف و سكورى سريعاً ،استمر هيم و هاو في الثرثرة و التلعثم .

وصاحا و هذيا بالحديث عن الظلم نتيجة لما حدث ، وبدأ الشعور بالكآبة يسيطر على هاو . ما الخطب ، وما عساه يحدث إذا لم يكن هناك جبن بالغد ؟ فقد خطط لمستقبله على أساس وجود الجبن .

لم يصدق القزمان ما حدث . كيف أمكن لهذا أن يحدث ؟ لم يحذرنا أحد ، لم يكن ذلك صحيحاً ، لم تكن هذه هي الطريقة التي يفترض أن تسير بها مجريات الأمور .


وعاد هيم و هاو إلى منزلهما في هذه الليلة جائعين ، مثبطى الهمة ، ولكن قبل المغادرة كتب هاو على الجدار :

كلما كانت قطعة الجبن هامة بالنسبة لك ؛ فأنت في حاجة إلى الاحتفاظ بها رغم ما تواجهه من صعاب

في اليوم التالي غادر هيم و هاو منزليهما عائدين إلى محطة الجبن " ج " مرة أخرى ، حيث كانا لا يزالان يتوقعان أن يعثرا على قطعتهما من الجبن .

لم يتغير الموقف ، ولم يعد هناك وجود للجبن ، ولم يعرف القزمان كيف يتصرفان حيال ما حدث ووقفا متجمدي الحركة مثل تمثالين صامتين .

أغمض هاو عينيه بقدر المستطاع ووضع يديه على أذنيه . وتمنى لو توقف الزمن ؛ فلم يكن يرغب في معرفة أن مورد الجبن يتضاءل تدريجياً . لقد كان مؤمناً بأنها حدثت فجأة .

قام هيم بتحليل الموقف مرات و مرات ، و أخيراً سيطر عقله المعقد المكتظ بالأفكار الضخمة على ما حدث ، وتساءل : " لماذا قاموا بذلك تجاهي ؟ ، ما الذي يحدث حقاً هنا ؟ " .



وفي النهاية فتح هاو عينيه ، ونظر حوله قائلاً : " بمناسبة ما حدث أين سنيف و سكورى ؟ هل تعتقد أنهما يعرفان شيئاً غير ما نعرف ؟ " .


قال هيم : " ما هو الشيء الذي قد يعرفانه ؟ " .

واستطرد هيم قائلاً : " ما هما إلا مجرد فأرين صغيرين ، ولا يقومان بشيء سوى الاستجابة لما يحدث حولهما ، أما نحن فبشر ونتميز عنهما . يجب أن تكون ، وعلاوة على ذلك ، نستحق نصيباً أفضل ".

فرد عليه : " ما كان ينبغي أن يحدث ذلك لنا ، وحتى إذا حدث ، فيجب على اللأقل أن ننعم بشيء من الربح و المكسب " .

و طرح هذا التساؤل : " لمَ لم يتعين أن نجني ربحاً ؟ " .

أجاب هيم : " لأننا ملتزمان " .

و أراد هاو أن يعرف " ملتزمان تجاه أي شيء ؟ "

فأردف :" إننا ملتزمان تجاه تجاه جبننا !! "

تساءل هاو : " لمَ ؟! " .

قال هيم : " لأننا لم نتسبب في هذه المشكلة ، بل تسبب فيها شخص آخر ، و يتعين القيام بأي شيء للخروج من هذا الموقف "

و اقترح هاو : " ربما يتعين علينا أن نكف عن تحليل الموقف بصورة مبالغ فيها... دعنا ندخل المتاهة ونبحث عن جبن من جديد"

قال هيم : " يا إلهي بل سوف أتطرق إلى أعماق هذا الأمر "



وبينما كان يحاول كل من هيم و هاو اتخاذ قرار بشأن تصرفهما حيال ما حدث ، كان سنيف و سكورى قد تغلبا بالفعل على ما حدث و مضيا في طريقهما ، ودخلا المتاهة مارين بجميع ممراتها من أعلى إلى أسفل باحثين عن الجبن في كل محطة جبن يمكن أن يجداها .

و لم يفكرا في أي شيء سوى الحصول على قطعة جبن جديدة

لم يجدا أي شيء لبعض الوقت حتى ذهبا أخيراً إلى أحد الأماكن بالمتاهة حيث لم يذهبا إليه أبداً : هذا هو محطة الجبن " ن " .

وصرخا مبتهجين ، لقد وجدا ما كانا يبحثان عنه ، مورد كبير للجبن الجديد .

لم يصدقا ناظريهما ، لقد كان أكبر مخزن للجبن يمكن لهما كفأرين رؤيته .



و في ذات الوقت ، كان هيم و هاو لا يزالان في محطة الجبن " ج " يقيمان الموقف و كانا يعانيان من آثار غياب الجبن ، وأصيبا بالإحباط و الغضب ، و بدءا في تبادل عبارات اللوم على ماحدث .
و من لحظة لأخرى كان هاو يفكر في صديقيه الفأرين سنيف و سكورى ويتساءل عما إذا كانا قد توصلا إلى أي جبن ، و اعتقد بأنهما يمران بوقت عصيب ، و انهما يعانيان من بعض التشكك و عدم اليقين في تخبطهما داخل المتاهة .

ولكنه عرف كذلك أنه كان من الأرجح أن يستمر هذا الحال معهما للحظات قليلة .

و كان هاو يتخيل في بعض الأحيان أن سنيف و سكورى قد وجدا جبناً جديداً و أنهما يستمتعان به ، وفكر في مدى روعة دخوله في نوع من المغامرة داخل المتاهة بغية العثور على جبن جديد طازج ، بل كاد يصل في تخيله إلى حد شعورره بطعم هذا الجبن الطازج .

و كلما كان هاو يرى هذه الصورة في مخيلته ( أي أنه وجد جبناً جديداً و أنه يستمتع به ) أكثر وضوحاً ، كان يزيد تخيله لنفسه وهو يغادر محطة الجبن " ج "


و فجأة صاح قائلاً: " فلنذهب بعيداً عن هنا " .

أجاب هيم سريعاً : "كلاَّ، إنني أحب هذا المكان وأشعر فيه بالراحة، وهذا هو ما أعرفه بالإضافة إلى أن المحيط الخارجي محفوف بالمخاطر " .

رد هاو قائلاً "كلاَّ الأمر ليس كذلك، لقد جرينا من قبل في أماكن عدة داخل المتاهة ويمكننا القيام بذلك مرة أخرى "

قال هيم: لقد أصبحت عجوزاً جداً للدرجة التي لا أقوى فيها على فعل ذلك، وأخشى ألا أكون راغباً في أن أضل الطريق، وتظهر سذاجتى، أترغب أنت في ذلك ؟"


عند هذه المرحلة، عاد شعور الخوف من الفشل ليسيطر على هاو، وتلاشى أمله في العثور على
جبن جديد .



لذا استمر القزمان في عمل نفس الشيء كل يوم؛ يذهبان إلى محطة الجبن "ج"، دون العثور على شيء، ثم يعودان إلى منزليهما محملين بالمخاوف والقلق والإحباط .

حاولا إنكار ما يحدث لهما حتى أنهما عانيا من صعوبة في الحصول على قسط وافر من النوم . وضاعت قوتهما في اليوم التالي ، و أصبحا سريعي الغضب .


لم يعد منزلهما المكان الدافيء كما كان ذات مرة ، وعانيا من صعوبة في النوم ورؤية الكوابيس ليلاً والتي تتعلق بعدم عثورهما على أي جبن .


إلا أن هيم وهاو مع كل ذلك ظلا يعاودان نفس الشيء بالذهاب إلى محطة الجبن " ج " والانتظار هناك كل يوم .


قال هيم : " إنك تعرف أنه إذا ما عملنا بجد أكثر مما نحن عليه ، ستجد أنه لا شيء قد تغير بالفعل فربما تكون قطعة الجبن قريبة من هنا ، وربما يكونون قد أخفوها وحسب خلف الجدار " .


وفي اليوم التالي ، عاد هيم و هاو حاملين أدواتهما . أمسك هيم بالإزميل ( المنحت ) بينما استمر هاو في الطرق باستخدام المطرقة ، حتى أحدثا ثقباً في جدار محطة الجبن " ج " واسترقا البصر ولكن دون جدوى ، فليس هناك جبن .


و أصيبا بخيبة أمل ، ولكنهما أصبحا مؤمنين بقدرتهما على حل المشكلة ؛ لذا أصبحا يبدآن عملهما في وقت مبكر و يستمران لوقت أطول و يعملان بجد أكثر . و لكن بعد مرور بعض الوقت ، كل ما توصلا إليه هو إحداث ثقب كبير في الجدار .

أخذ هاو في إدراك الفارق بين النشاط و الإنتاجية .

قال هيم : " ربما يتعين علينا مجرد الجلوس هنا و انتظار ما قد يحدث . إن عاجلاً أم آجلاً يتعين عليهم ان يعيدوا الجبن " .

أراد هاو أن يؤمن بذلك ، لذا كان يعود إلى المنزل كل يوم ليحصل على قسط من الراحة ثم يعود على مضض مع هيم إلى محطة الجبن " ج " ولكن الجبن لم يظهر أبداً .


و بمرور الوقت أصبح القزمان ضعيفين نتيجة الشعور بالجوع والضغط ، وسيطر التعب و الإرهاق على هاو من مجرد الانتظار حتى يتحسن وضعهما ، و بدا في رؤية حقيقة أنه كلما استمرا طويلاً دون الجبن ، لأصبح وضعهما أكثر سوءاً .


و كان هاو يعرف أنهما قد فقدا كل أمل .


و أخيراً ، بدأ هاو ذات يوم في السخرية من نفسه قائلاً : " هاو انظر إليَ ، فإنني أقوم بنفس الشيء كل يوم مرات و مرات و أتعجب من سبب بقاء الحال على ما هو عليه دون تحسن ، إن لم يكن الأمر يدعو للسخرية فقد يكون مدعاة للمرح " .


لم يكن هاو يرحب بفكرة الجري خلال المتاهة مرة أخرى ؛ لأنه يعرف أنهما سيضلان الطريق وليس لديهما أية فكرة عن مكان وجود الجبن . ولكن كان يتعين عليه الضحك على غبائه عندما أدرك سبب خوفه من القيام بذلك .


و سأله هيم : " أين وضعنا رداء العدو و أحذية الجري " . و أمضيا وقتاً طويلاً حتى وجدا هذه الأشياء ، لأنهما أهملا كل كل شيء طرحاه جانباً عندما عثرا على الجبن في محطة الجبن " ج " ، معتقدين أنهما لن يكونا بحاجة إلى الحذاء والرداء مرة أخرى .

و عندما رأى هيم صديقه يرتدي رداء العدو ، قال : " إنك لن تعاود التخبط داخل المتاهة حقاً ، أليس كذلك ؟ لم لا تنتظر هنا حتى يعاودا وضع الجبن ؟ "

قال هاو : " لأنك لا تستوعب الموقف ، أنا لم أكن أرغب في رؤيتها أيضاً ، لكنني الآن أدرك أنهم لن يضعوا الجبن القديم مرة ثانية ، لقد كان هذا جبن البارحة ، لقد حان الوقت للبحث عن جبن جديد " <

لكن هيم تساءل : " لكن ماذا لو لم يكن هناك جبن بالخارج ؟ أو حتى إذا كان هناك ، ماذا لو لم نجده؟"

قال هاو : " لست أدري " ، وتساءل هاو محاولاً الإجابة على تلك الأسئلة مراراً و تكراراً ، ثم بدأ يشعر بالخوف الذي أقعده عن الحركة من قبل يتسلل إلى نفسه من جديد .


ثم فكر هاو في العثور على جبن جديد و ما يصاحبه من أحداث طيبة ، فاستجمع رباطة جأشه .

قال هاو : " في بعض الأحيان تتغير الأشياء و لا تعود لطبيعتها أبداً و يبدو أننا نمر بشيء مشابه . هذه هي الحياة يا هيم ! فالحياة تسير ، ولابد أن نسير نحن أيضاً " .


ونظر هاو إلى رفيقه الحزين و حاول إقناعه ، لكن خوف هيم تحول إلى غضب عارم منعه من الإنصات لهاو .

ولم يقصد أن يكون وقحاً مع صديقه ، لكنه لم يمنع نفسه من السخرية على حماقتهما .

و بينما استعد هاو للرحيل ، بدأ يشعر بالنشاط فقد علم أنه طالما سخر من نفسه ، فسوف يعاود المسير دون أن ينظر وراء ظهره .

وصاح هاو معلناً : " لقد حان وقت المتاهة ! "

لكن هيم لم يضحك ولم يستجب لهاو .

و التقط هاو قطعة حجر صغيرة حادة ونحت بها على الجدار فكرة عظيمة لهيم كي يتأملها ، وكما اعتاد هاو ، فقد رسم صورة لقطعة جبن حول العبارة ، وتمنى أن يساعد هيم على أن يبتسم ، و ان يخفف من همومه ، و ان يبدأ البحث عن الجبن الجديد ، لكن هيم لم يفعل شيئاً من ذلك .

و كتب هاو في عبارته قائلاً :


إذا لم تتغير ؛ فمن الممكن أن تفنى
وبعد ذلك اشرأب هاو بعنقه وحدق بنظره في المتاهة ، وفكر في كيفية أنه أدخل نفسه في هذه المحطة الخالية من الجبن .


لقد ظن أنه لايوجد أي جبن في المتاهة أو ربما لن يجده ، وهذه الظنون المخيفة كانت تشل حركته .


و ابتسم هاو ؛ فهو يعرف أن ( هيم ) كان يتساءل في نفسه : " من الذي حرك قطعتي من الجبن ؟ " .


وتساءل ( هاو ) : " ولماذا لا أنهض و أتحرك مع قطعة الجبن حالاً ؟ .


و عندما بدأ في السير داخل المتاهة نظر ( هاو ) للخلف حيث المكان الذي جاء منه فشعر بالرغبة في العودة إليه ، وشعر وكأن شيئاً يدفعه إلى مكانه المألوف ، على الرغم من أنه لم يجد أي جبن لبعض الوقت .



أصبح ( هاو ) أكثر قلقاً ، وتساءل عما إذا كان يريد أن يدخل المتاهة .


وكتب مقولة على الحائط في مستوى رؤيته، وحدق فيها أمامه، ودقق النظر فيها لبعض الوقت:

ماذا تفعل إذا لم تكن خائفاً ؟؟

و أخذ يفكر في هذه العبارة .


إنه يعرف أن قليلاً من الخوف قد يكون مفيداً أحياناً ، و عندما تكون خائفاً فإن الأشياء تتحول للأسوأ إذا لم تفعل شيئاً ، لذا فهو يحثك على التصرف ، ولكنه يكون ضارا عندما تكون في حالة شديدة من الخوف ، إذ إن هذا يقيدك عن فعل أي شيء .


ونظر عن يمينه إلى الجزء الذي لم يمر به في المتاهة وشعر بالخوف .


وبعد ذلك أخذ نفساً عميقاً ، واتجه نحو اليمين داخل المتاهة واندفع ببطء إلى المجهول .


وبينما كان يحاول أن يجد طريقه ، شعر هاو في البداية بالقلق لأنه ربما انتظر وقتاً طويلاً في محطة الجبن " ج " ولم يتناول أي نوع من الجبن لمدة طويلة مما جعله يشعر بالضعف ، وقد ظل على هذا فترة طويلة مما زاد آلام هذه الرحلة الشاقة داخل المتاهة ، وقرر بأنه إذا سنحت له الفرصة مرة ثانية سوف يتكيف مع التغيير ، وهذا يجعل التعامل مع الأمور أكثر سهولة .



وعندئذ ابتسم هاو ابتسامة خفيفة ، وفكر في أنه " في التأني السلامة " وفي أثناء الأيام التالية وجد بعضاً من الجبن القليل هنا وهناك ولكنه لم يستمر في ذلك طويلاً ، وتمنى أن يجد جبناً كافياً ليعود ببعض منه إلى هيم لكي يشجعه على الدخول في المتاهة .


ولكن لم يشعر هاو بالثقة الكافية حتى الآن ، وكان عليه أن يعترف بأنه وجد ذلك مربكاً ومرهقاً في المتاهة ؛ حيث بدت الأشياء كلها أمامه وقد تغيرت منذ الفترة الأخيرة التي كان فيها خارج المتاهة .


وعندما كان يعتقد أنه يتقدم في طريقه كان يجد نفسه تائهاً في الدهاليز ، وبدا تقدمه وكأنه يسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف ، وكان هذا تحدياً ولكن كان عليه أن يعترف بأن الرجوع للخلف في المتاهة والمطاردة من أجل الجبن لم يكن تقريباً بنفس الدرجة من السوء التي كان يخشاها .


ومع مرور الوقت بدأ هاو يشعر بالدهشة والتساؤل عما إذا كان واقعياً أن يجد قطعة الجبن الجديدة ، وتساءل " هاو " عمّا إذا كان يبالغ في تطلعاته ، وابتسم بعد ذلك ، و أدرك أنه ليس لديه ما يسوغ حلمه في هذا الوقت .

وحين شعر بالإحباط يتسرب إلى نفسه ذكّر نفسه بأن ما كان يعتقد أنه غير مريح ، هو في الواقع أفضل من البقاء في مكان ليس به جبن .


فكان يسعى للتحكم في تصرفاته أكثر من السماح لحدوث أي شيء ، وبعد ذلك ذكّر نفسه بأنه إذا كان سنيف و سكورى قد استطاعا التحرك والاستمرار في سعيهما ؛ فمن الممكن له أن يفعل ذلك .


وعندما أعاد هاو التفكير في الأمور أدرك أن قطعة الجبن التي وجدها في المحطة " ج " لم تختف بين العشية وضحاها كما اعتقد من قبل . إن حجم الجبن كان يصغر شيئاً فشيئاً ، وما تيقى منه أصبح قديماً ولم يعد لها مذاق جديد .


بل ربما بدأت طبقة من العفن تظهر عليه ، على الرغم من أنه لم يلاحظ ذلك ، ولذلك كان عليه أن يعترف أنه لو أراد ذلك ربما أمكنه فهم ما يحدث ولكنه لم يرد .


و أدرك هاو الآن أن التغيير ربما لم يكن ليمثل له مفاجأة لو كان قد شاهد ما كان يحدث طوال الوقت وتوقع هذا التغيير ، وربما كان هذا ما قام به كل من سنيف و سكورى .


وتوقف لأخذ قسط من الراحة ، وكتب على حائط المتاهة :
اشتم رائحة قطعة الجبن من حين لآخر حتى تعرف متى يصيبها العطب



و بعد مرور فترة بدت طويلة لم يعثر فيها على قطعة الجبن ، وجد هاو نفسه أخيراً أمام محطة جبن بدت مبشرة بالخير ، وحين دلف إلى داخلها، أصيبة بخيبة أمل كبير؛ حيث أنها كانت خاوية .


وحدَّث هاو نفسه قائلاً: "لقد راودنى هذا الشعور بالخواء كثيرا من قبل".


وشعر باليأس قد أطبق عليه. وبدأ هاو يفقد طاقته الجسمية، وكان على يقين أنه قد ضل الطريق وأنه هالك لا محالة،

وفكّر في أن ينعطف ويعود أدراجه إلى محطة الجبن ج. فلو وصل هناك، ولا يزال هيم موجوداً، فلن يكون وحيداً على الأقل، ثم سأل نفسه مجدداً: "ماذا كنت أفعل لو لم أكن خائفاً؟".


لقد كان يخشى أكثر من أي شيء آخر أن يعترف حتى لنفسه بذلك . فلم يكن دائماً على يقين من الشيء الذي يسبب له شعوراً بالخوف، لكنه الآن ، وفي حالته الهزيلة تلك، أدرك أنه خائفاً؛ لانه لا يريد أن يستمر وحيداً، ولم يعرف هاو بأنه كان يجري؛ لأن أفكاراً مخيفة أثقلت رأسه .



وتساءل هاو عما إذا كان هيم قد تحرك مجدداً أم أنه لم يبرح مكانه بسبب مخاوفه، ثم استرجع في مخيلته الأوقات التي شعر فيها بأنه في أوج نشاطه داخل المتاهة .


هذه الأوقات هي التي كان يتحرك فيها هاو ولا يتوقف عند أي شيء.


وكتب هاو على الحائط، وكان يعلم أن هذه الكتابة ليست تذكيراً بمروره من هذا المكان، بقدر ما هي تذكير له شخصيا :

إن السير في اتجاه جديد يجعلك تعثر على المزيد من الجبن


تطلع هاو إلى الممر المظلم، وأدرك ما اصابه من خوف، ترى من الذي ينتظره في الطريق، هل سيكون خالياً؟ أو سيكون محفوظاً في المخاطر؟ وبدأ خياله الجامح يصور كله كل الهواجس المفزعة حتى تملكه الذعر الشديد .


ثم سخر من نفسه، فقد أدرك أن هواجسه هذه تزيد الطين بلة، ثم فعل ما كان سيفعله لو لم يكن خائفاً ، واصل المسيره لكن في اتجاه جديد .


وعندما بدأ يجري في اتجاه الممر المظلم، أخذ يبتسم، ولم يدرك هاو عندئذٍ أنه وجد غذاء روحه، فقد ألقى بالهموم خلف ظهره، وبدأ يثق فيما ينتظره من مصير،على الرغم من أنه لم يعرف ماذا سيكون.


واندهش هاو، إذا بدأ يستمتع بالأمر أكثر فأكثر، وأخذ يتساءل: "ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه السعادة ؟" ، " ليس لدي جبن، ولا أعرف إلى أين أنا ذاهب ".


وقبل أن يمضي وقت طويل، اكتشف سبب شعوره بتلك السعادة ، وتوقف كي يكتب على الحائط
مره أخرى :

عندما تتحرك متجاوزاً شعورك بالخوف ، ستشعر بالحرية


أدرك أنه وقع أسيراً لهواجسه وعندما تحرك في اتجاه جديد ، حرر نفسه من القيد .


الآن ، و الآن فقط ، بدأ يشعر أن نسيماً بارداً أخذ يهب على ذلك الجزء من المتاهة . التقط أنفاساً عميقة و أحس أن الحركة قد أعادت إليه الحياة ، وبعد أن كسر حاجز الخوف ، اكتشف أن الأمر أكثر إمتاعاً مما كان يعتقد من قبل .



ولم يكن هذا الشعور قد راود هاو منذ فترة طويلة ؛ ولهذا السبب كان قد نسى مدى البهجة التي يدخلها على قلبه .


ولكي يجعل الوضع أفضل ، بدأ في رسم صورة من وحي خياله ، ونسج في تلك الصورة حتى أدق التفاصيل الواقعية ، فقد تخيل نفسه جالساً وسط كومة هائلة من أنواع الجبن المفضل لديه ، بدءاً من الشيدر ، و انتهاءً بالبراي ! وتخيل نفسه وهو يأكل ما لذ و طاب منها . استمتع هاو بما رآه ، ثم تخيل كيف أنه يستطيع أن يستمتع بتذوقها جميعاً .



كلما اتضحت صورة ذلك الجبن الجديد داخل عقله ، زادت واقعيتها ، وازداد شعوره بقرب عثوره عليه .
ثم كتب :

عندما تخيلت نفسي وأنا استمتع بالجبن الجديد ، حتى قبل أن أعثر عليه ، وجدت طريقي إليه


حدّث هاو نفسه قائلاً : " لماذا لم أفعل هذا من قبل ؟ "
بدأ هاو يجري داخل المتاهة ، لكن بقوة و رشاقة أكبر مما مضى ، ولم يمض وقت طويل حتى عثر على محطة الجبن ، وشعر بالسعادة وهو يلحظ قطع جبن جديدة قد وضعت بجانب المدخل .



ولم يكن قد رأى قط في حياته أصناف الجبن تلك ، لكنها بدت له رائعة . تذوقها ، فوجد طعماً طيباً للغاية ، وتناول هاو معظم قطع الجبن الموجودة ، ووضع بعضاً منها في جيبه كي يتناولها فيما بعد، أو ليتقاسمها مع هيم ، وبدأ يستعيد قوته .


دلف هاو إلى محطة الجبن تغمره السعادة والإثارة . لكن ، ولسوء حظه ، وجدها خاوية ، فقد سبقه إليها شخص ما ، لم يترك سوى تلك القطع من الجبن الجديد .


وأدرك أنه لو كان قد عجل الخطى ؛ لوجد كمية كبيرة من الجبن هنا .


وقرر هاو أن يعود أدراجه كي يرى إذا ما كان هيم على استعداد للانضمام إليه .


وبينما هو يقتفي آثار العودة ، توقف وكتب على الحائط :

كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، عثرت على الجبن الجديد

وبعد فترة نجح هاو في العودة إلى محطة الجبن " ج " ووجد عندها هيم ، وعرض على هيم تناول بعض قطع الجبن الجديدة ، لكن الأخير رفض العرض .


وشكر هيم صديقه على هذه اللفتة الجميلة ، وقال له : " لا أعتقد أنني سأستمتع بالجبن الجديد ، فأنا لست معتاداً عليه ، كل ما أريده هو جبني المفضل ، ولن أتغير أبداً حتى أحصل على ما أريد " .


هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة الأمل ، وجعل يؤخر رجلا ويقدم الأخرى ، معاوداً الانطلاق بمفرده من جديد ، ومع وصوله إلى أبعد نقطة كان قد وصل إليها في المتاهة ، بدأ يشعر بالحنين إلى صديقه ، لكنه أدرك أنه بصدد اكتشاف شيء ما . فحتى قبل أن يعثر على ما كان يعتقد أنه كمية هائلة من الجبن الجديد أدرك أنه لم يكن يشعر بالسعادة لمجرد عثوره على الجبن .


لقد كان سعيداً لأنه لم يصبح أسيراً لخوفه بعد الآن ، وبدأ يستمتع بما يفعل .


وحينما أدرك ذلك ، لم يشعر بذلك الضعف الذي انتابه حين كان يجلس في محطة الجبن ج الخاوية ، وحينما أدرك أنه منع نفسه من أن يستوقفها الخوف ، واتخذ وجهة جديدة ؛ شعر بالحياة تدب في أوصاله من جديد .


لقد وجد الآن أن المسألة أصبحت مسألة وقت قبل أن يصل إلى ضالته المنشودة بالفعل .
وابتسم حين أدرك أنه :

من الأسلم أن تبحث في المتاهة ، من ان تبقى دون جبن


و أدرك هاو كما أدرك من قبل ، أن ما تخشاه لن يكون بنفس القتامة التي يصورها لك عقلك ، وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضع القائم بالفعل .


لقد كان هاو متخوفاً لدرجة كبيرة من أن لا يعثر على الجبن الجديد ، لدرجة أنه لم يرغب في الاستمرار في البحث عنه ، لكن ما إن عاود رحلته مجدداً ، عثر على قطع من الجبن في الممرات تكفيه لمواصلة المسير . الآن بدأ يتطلع إلى العثور على المزيد و المزيد ، وأصبح مجرد التطلع إلى ما هو آتٍ أمراً ممتعاً في حد ذاته .


لقد كان تفكيره القديم مغلفاً بسحابة من الخوف والقلق ، فقد كان يشعر دائماً أنه لن يعثر على جبن كافٍ ، أو انه لن يحظى به للمدة التي يريدها ، وكان كثيراً ما يشغل باله بما قد يحدث له من مصائب، لا من مفاجآت سارة .


لكن هذا التفكير تغير في الأيام التي أعقبت تركه لمحطة
الجبن ج .


واعتاد هاو أن يعتقد بأنه لا ينبغي تحريك الجبن ، وأن هذا التغيير ليس صائباً .


أما الآن فقد أدرك أن عدم التغيير أمر ينافي نواميس الكون و الطبيعة ، فلابد للتغيير أن يقع باستمرار سواء توقعناه أم لا ، ولايمكنك أن تفاجأ بالتغيير ، إلا إذا لم تكن تتوقعه و تبحث عنه .


وحينما أدرك هاو التغيير الذي اعترى معتقداته ، توقف كي يكتب على الحائط :

إن المعتقدات البالية لا ترشدك إلى جبن جديد


لم يعثر هاو على أي جبن بعد ، لكن كل ما كان يشغل تفكيره وهو يعدو في ممرات المتاهة هو ما تعلمه حتى الآن .


لقد أدرك الآن أن هذه المعتقدات الجديدة تدفعه إلى التصرف على نحو جديد ، فقد بدأ الآن يسلك مسلكاً يختلف عن مسلكه عندما كان يصر على العودة إلى محطة الجبن الخاوية .


وأدرك هاو أنك عندما تغير معتقداتك ، فأنت تغير تصرفاتك .


عليك أن تعتقد بأن عدم التغيير قد يضرك ، وأنه لابد لك أن تقاومه ، أو يمكنك أن تعتقد بأن عثورك على جبن جديد سوف يساعدك على استيعاب التغيير والتكيف معه .


كل ذلك يعتمد على المعتقد الذي تختار أن تؤمن به .
كتب هاو على الحائط قائلاً :

عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به ؛ فستغير طريقك


و أدرك هاو أنه كان سيصبح في حالة أفضل الآن لو أنه استوعب التغيير في محطة الجبن ج بسرعة ودون تلكؤ ، وساعتها كان سيشعر بالقوة تدب في جسده وروحه ،
ويستمر في التحدي حتى يعثر على الجبن الجديد ، بل كان في إمكانه العثور عليه بالفعل لو أنه توقع التغيير ، بدلاً من إضاعة وقته في مقاومته ، بعد أن حدث بالفعل .



واستجمع هاو قواه وقرر مواصلة المسير في الأجزاء الجديدة من المتاهة وبدأ يجد بعض قطع الجبن المتناثرة هنا و هناك ، فعادت إليه بعض طاقته وثقته بنفسه .


وعندما فكر في الطريق الذي جاء منه شعر بسعادة ؛ لأنه كتب على الحائط في أماكن كثيرة ، فقد أيقن أن تلك العبارات ستكون دليلاً له أثناء سيره في المتاهة ، إذا اختار أن يترك محطة الجبن ج .


وتمنى هاو لو أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وفكر في إمكانية أن يقرأ هيم كتابته على الحوائط كي يعرف طريقه هو الآخر .


ثم كتب هاو على الحائط ما عبر عما كان يدور بخلده لفترة من الزمن :

ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع التغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً


والآن فقد طوى هاو صفحة الماضي ، وبدأ يتطلع إلى المستقبل .


واستمر يقطع دروب المتاهة بقوة وسرعة أكبر مما مضى ، ولم يمضِ وقت طويل حتى حدث ما كان يتمناه .


وفي الوقت الذي شعر فيه هاو بأنه سيظل بهذه المتاهة إلى الأبد ، أفضت رحلته أو على الأقل هذا الجزء من رحلته إلى نهاية سريعة و سعيدة .


لقد عثر على جبن جديد في محطة الجبن ن !



حينما دلف إلى داخلها ، لم يصدق ما رأته عيناه : جبال عالية هنا و هناك من الجبن الذي لم يره في حياته قط ، ولم يستطع التعرف على كل الأنواع الموجودة أمامه ؛ حيث إن بعضها كان جديداً عليه تماماً .


ثم تساءل هاو للحظات عما إذا كان ما يراه حقيقة أم من نسج الخيال ، إلى أن وقعت عيناه على صديقيه سنيف و سكورى .


رحَب سنيف به بإيماءة من رأسه ، أما سكورى فقد لوَح له بكفه ، وظهر من معدتيهما الممتلئتين أنهما سبقاه إلى المكان بفترة ليست بقصيرة .


ألقى هاو التحية عليهما ، ثم سارع إلى تناول قضمات من أنواع الجبن المفضلة لديه ، ثم خلع عنه حذاءه ورداء التريض ووضعهما بالقرب منه حتى إذا احتاجهما مرة أخرى تناولهما سريعاً ثم انقض على الجبن الجديد ، وحينما أخذ كفايته ، تناول قطعة من الجبن الطازج في يده و صاح : " مرحباً بالتغيير ! " .



وبينما أخذ يستمتع بمذاق الجبن الجديد ، استرجع ما مر به من أحداث وما تعلمه خلاله وأدرك أنه عندما كان خائفاً من التغيير ، فقد كان متمسكاً في الواقع بوهم الجبن القديم ، والذي لم يعد موجوداً .


وتساءل هاو : " إذن ما الذي غيرني هل هو خوفي من أموت جوعاً ؟

وحدث نفسه قائلاً : " لقد كان لذلك تأثيره " .



ثم ضحك وأدرك أنه لم يكن ليتغير لولا أن بدأ يسخر من نفسه ومما كان يرتكبه من أخطاء ، واكتشف أن أسرع طريقة للتغيير هي أن يضحك الإنسان من حماقته ، وساعتها ، سينسى ما فعل، وسوف يواصل المسير .


وأدرك هاو أنه تعلم شيئاً مفيداً من صديقيه الفأرين ، سنيف و سكورى في أمر التنقل إلى موضع آخر ، فقد كانا يعيشا حياتهما ببساطة . لم يحاولا المبالغة في تحليل وتعقيد الأمور،

وعندما تغير الموقع ، وتحرك الجبن ، غيرا من أنفسهما و تحركا مع الجبن ، ولم يكن بدٌ من أن يتذكر ذلك .


استخدم هاو عقله الرائع كي يفعل ما يفعله الأقزام بأسلوب أفضل من الفئران .

وتدبر الأخطاء التي ارتكبها في الماضي ، واستخدمها كي يخطط مستقبله ، لقد أدرك أن باستطاعة الإنسان أن يتعلم كيف يتعامل مع التغيير :


كيف يأخذ الأمور ببساطة ، كيف يكون مرناً ، وكيف يكون سريع التصرف .


يتعلم ألا يبالغ في تعقيد الأمور ، وألا يقع فريسة لمعتقدات مفزعة .


يتعلم أن يلاحظ التغيرات البسيطة ؛ لكي يكون مستعداً للتغيير الجذري ، الذي قد يحدث في المستقبل.


أدرك هاو أنه بحاجة إلى التكيف سريعاً مع التغيير ؛ لإنه إن لم يفعل ذلك ، فقد لاتواتيه تلك الفرصة أبداً .


وكان عليه أن يعترف بأن أكبر عقبة تقف في طريقه تكيفه مع التغيير موجودة بداخله هو ، وأن الأمورلا تتحسن إلاَ بعد أن تتغير أنت .


الأهم من هذا وذاك ، أن هاو قد أدرك أن هناك دائماً جبناً جديداً أمام عينيك ، سواء لاحظته أم لم تلاحظه ، وأنك تستمتع به فقط عندما تتخلص من مخاوفك وتخوض المغامرة .


وأدرك هاو كذلك أنه لاضير من بعض الخوف ، إذ إنه قد يحميك من خطر محقق ، ولكنه اكتشف أيضاً أن معظم مخاوفه لم يكن لها مايبررها ، بل إنها منعته من أن يتغير في الوقت الذي كان لزاماً عليه أن يتغير .


لم يعجبه التغيير وقتها ، لكنه أدرك فيما بعد أن ذلك التغيير هدية السماء إليه كي ترشده إلى المزيد من الجبن ، رغم أنها كانت ترتدي قناعاً .



لقد عثر هاو على جزء جميل من نفسه ، وبينما كان يتذكر الدروس المستفادة ، فكر في صديقه هيم ، وتساءل عما إذا كان هيم قد قرأ شيئاً من عباراته التي كتبها على الحائط عند محطة الجبن ج أو في باقي المتاهة .


ترى ما الذي كان يحدث لو طوى هيم صفحة الماضي ، وواصل المسير ؟


ترى ما الذي كان يحدث لو دخل المتاهة ، واكتشف ما كان يجعل حياته أفضل ؟


فكر هاو في العودة مجدداً إلى محطة الجبن ج ؛ ليرى ما إذا كان باستطاعته العثور على هيم ، وهو يفترض أنه يستطيع العودة إلى النقطة التي كان فيها ، وفكر في أنه إذا عثر على هيم ، فسيمكنه عندئذٍ أن يريه كيف يخرج من مأزقه ،


ولكنه أدرك أنه قد حاول بالفعل أن يجبر صديقه على التغيير.

وكان على هيم أن يجد طريقه بمفرده ، متغلباً على أوجاعه ومتجاوزاً مخاوفه ، ولايمكن لشخص آخر أن يؤدي له ذلك بالنيابة عنه ، أو أن يقنعه بذلك ما لم يكن الاقتناع داخلياَ .

كان يتعين على هيم أن يشعر بمزايا التغيير نفسه .


وعلم هاو أنه قد ترك خلفه أثراً لهيم كي يتعقبه ، وأنه يستطيع بمفرده أن يجد طريقه ، فقط إذا قرأ العبارات التي كتبها هاو بخط يده على الجدران .











وبعد ذلك اشرأب هاو بعنقه وحدق بنظره في المتاهة ، وفكر في كيفية أنه أدخل نفسه في هذه المحطة الخالية من الجبن .


لقد ظن أنه لايوجد أي جبن في المتاهة أو ربما لن يجده ، وهذه الظنون المخيفة كانت تشل حركته .


و ابتسم هاو ؛ فهو يعرف أن ( هيم ) كان يتساءل في نفسه : " من الذي حرك قطعتي من الجبن ؟ " .


وتساءل ( هاو ) : " ولماذا لا أنهض و أتحرك مع قطعة الجبن حالاً ؟ .


و عندما بدأ في السير داخل المتاهة نظر ( هاو ) للخلف حيث المكان الذي جاء منه فشعر بالرغبة في العودة إليه ، وشعر وكأن شيئاً يدفعه إلى مكانه المألوف ، على الرغم من أنه لم يجد أي جبن لبعض الوقت .



أصبح ( هاو ) أكثر قلقاً ، وتساءل عما إذا كان يريد أن يدخل المتاهة .


وكتب مقولة على الحائط في مستوى رؤيته، وحدق فيها أمامه، ودقق النظر فيها لبعض الوقت:

ماذا تفعل إذا لم تكن خائفاً ؟؟

و أخذ يفكر في هذه العبارة .


إنه يعرف أن قليلاً من الخوف قد يكون مفيداً أحياناً ، و عندما تكون خائفاً فإن الأشياء تتحول للأسوأ إذا لم تفعل شيئاً ، لذا فهو يحثك على التصرف ، ولكنه يكون ضارا عندما تكون في حالة شديدة من الخوف ، إذ إن هذا يقيدك عن فعل أي شيء .


ونظر عن يمينه إلى الجزء الذي لم يمر به في المتاهة وشعر بالخوف .


وبعد ذلك أخذ نفساً عميقاً ، واتجه نحو اليمين داخل المتاهة واندفع ببطء إلى المجهول .


وبينما كان يحاول أن يجد طريقه ، شعر هاو في البداية بالقلق لأنه ربما انتظر وقتاً طويلاً في محطة الجبن " ج " ولم يتناول أي نوع من الجبن لمدة طويلة مما جعله يشعر بالضعف ، وقد ظل على هذا فترة طويلة مما زاد آلام هذه الرحلة الشاقة داخل المتاهة ، وقرر بأنه إذا سنحت له الفرصة مرة ثانية سوف يتكيف مع التغيير ، وهذا يجعل التعامل مع الأمور أكثر سهولة .



وعندئذ ابتسم هاو ابتسامة خفيفة ، وفكر في أنه " في التأني السلامة " وفي أثناء الأيام التالية وجد بعضاً من الجبن القليل هنا وهناك ولكنه لم يستمر في ذلك طويلاً ، وتمنى أن يجد جبناً كافياً ليعود ببعض منه إلى هيم لكي يشجعه على الدخول في المتاهة .


ولكن لم يشعر هاو بالثقة الكافية حتى الآن ، وكان عليه أن يعترف بأنه وجد ذلك مربكاً ومرهقاً في المتاهة ؛ حيث بدت الأشياء كلها أمامه وقد تغيرت منذ الفترة الأخيرة التي كان فيها خارج المتاهة .


وعندما كان يعتقد أنه يتقدم في طريقه كان يجد نفسه تائهاً في الدهاليز ، وبدا تقدمه وكأنه يسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف ، وكان هذا تحدياً ولكن كان عليه أن يعترف بأن الرجوع للخلف في المتاهة والمطاردة من أجل الجبن لم يكن تقريباً بنفس الدرجة من السوء التي كان يخشاها .


ومع مرور الوقت بدأ هاو يشعر بالدهشة والتساؤل عما إذا كان واقعياً أن يجد قطعة الجبن الجديدة ، وتساءل " هاو " عمّا إذا كان يبالغ في تطلعاته ، وابتسم بعد ذلك ، و أدرك أنه ليس لديه ما يسوغ حلمه في هذا الوقت .

وحين شعر بالإحباط يتسرب إلى نفسه ذكّر نفسه بأن ما كان يعتقد أنه غير مريح ، هو في الواقع أفضل من البقاء في مكان ليس به جبن .


فكان يسعى للتحكم في تصرفاته أكثر من السماح لحدوث أي شيء ، وبعد ذلك ذكّر نفسه بأنه إذا كان سنيف و سكورى قد استطاعا التحرك والاستمرار في سعيهما ؛ فمن الممكن له أن يفعل ذلك .


وعندما أعاد هاو التفكير في الأمور أدرك أن قطعة الجبن التي وجدها في المحطة " ج " لم تختف بين العشية وضحاها كما اعتقد من قبل . إن حجم الجبن كان يصغر شيئاً فشيئاً ، وما تيقى منه أصبح قديماً ولم يعد لها مذاق جديد .


بل ربما بدأت طبقة من العفن تظهر عليه ، على الرغم من أنه لم يلاحظ ذلك ، ولذلك كان عليه أن يعترف أنه لو أراد ذلك ربما أمكنه فهم ما يحدث ولكنه لم يرد .


و أدرك هاو الآن أن التغيير ربما لم يكن ليمثل له مفاجأة لو كان قد شاهد ما كان يحدث طوال الوقت وتوقع هذا التغيير ، وربما كان هذا ما قام به كل من سنيف و سكورى .


وتوقف لأخذ قسط من الراحة ، وكتب على حائط المتاهة :
اشتم رائحة قطعة الجبن من حين لآخر حتى تعرف متى يصيبها العطب



و بعد مرور فترة بدت طويلة لم يعثر فيها على قطعة الجبن ، وجد هاو نفسه أخيراً أمام محطة جبن بدت مبشرة بالخير ، وحين دلف إلى داخلها، أصيبة بخيبة أمل كبير؛ حيث أنها كانت خاوية .


وحدَّث هاو نفسه قائلاً: "لقد راودنى هذا الشعور بالخواء كثيرا من قبل".


وشعر باليأس قد أطبق عليه. وبدأ هاو يفقد طاقته الجسمية، وكان على يقين أنه قد ضل الطريق وأنه هالك لا محالة،

وفكّر في أن ينعطف ويعود أدراجه إلى محطة الجبن ج. فلو وصل هناك، ولا يزال هيم موجوداً، فلن يكون وحيداً على الأقل، ثم سأل نفسه مجدداً: "ماذا كنت أفعل لو لم أكن خائفاً؟".


لقد كان يخشى أكثر من أي شيء آخر أن يعترف حتى لنفسه بذلك . فلم يكن دائماً على يقين من الشيء الذي يسبب له شعوراً بالخوف، لكنه الآن ، وفي حالته الهزيلة تلك، أدرك أنه خائفاً؛ لانه لا يريد أن يستمر وحيداً، ولم يعرف هاو بأنه كان يجري؛ لأن أفكاراً مخيفة أثقلت رأسه .



وتساءل هاو عما إذا كان هيم قد تحرك مجدداً أم أنه لم يبرح مكانه بسبب مخاوفه، ثم استرجع في مخيلته الأوقات التي شعر فيها بأنه في أوج نشاطه داخل المتاهة .


هذه الأوقات هي التي كان يتحرك فيها هاو ولا يتوقف عند أي شيء.


وكتب هاو على الحائط، وكان يعلم أن هذه الكتابة ليست تذكيراً بمروره من هذا المكان، بقدر ما هي تذكير له شخصيا :

إن السير في اتجاه جديد يجعلك تعثر على المزيد من الجبن /b>


تطلع هاو إلى الممر المظلم، وأدرك ما اصابه من خوف، ترى من الذي ينتظره في الطريق، هل سيكون خالياً؟ أو سيكون محفوظاً في المخاطر؟ وبدأ خياله الجامح يصور كله كل الهواجس المفزعة حتى تملكه الذعر الشديد .


ثم سخر من نفسه، فقد أدرك أن هواجسه هذه تزيد الطين بلة، ثم فعل ما كان سيفعله لو لم يكن خائفاً ، واصل المسيره لكن في اتجاه جديد .


وعندما بدأ يجري في اتجاه الممر المظلم، أخذ يبتسم، ولم يدرك هاو عندئذٍ أنه وجد غذاء روحه، فقد ألقى بالهموم خلف ظهره، وبدأ يثق فيما ينتظره من مصير،على الرغم من أنه لم يعرف ماذا سيكون.


واندهش هاو، إذا بدأ يستمتع بالأمر أكثر فأكثر، وأخذ يتساءل: "ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه السعادة ؟" ، " ليس لدي جبن، ولا أعرف إلى أين أنا ذاهب ".


وقبل أن يمضي وقت طويل، اكتشف سبب شعوره بتلك السعادة ، وتوقف كي يكتب على الحائط
مره أخرى :

عندما تتحرك متجاوزاً شعورك بالخوف ، ستشعر بالحرية


أدرك أنه وقع أسيراً لهواجسه وعندما تحرك في اتجاه جديد ، حرر نفسه من القيد .


الآن ، و الآن فقط ، بدأ يشعر أن نسيماً بارداً أخذ يهب على ذلك الجزء من المتاهة . التقط أنفاساً عميقة و أحس أن الحركة قد أعادت إليه الحياة ، وبعد أن كسر حاجز الخوف ، اكتشف أن الأمر أكثر إمتاعاً مما كان يعتقد من قبل .



ولم يكن هذا الشعور قد راود هاو منذ فترة طويلة ؛ ولهذا السبب كان قد نسى مدى البهجة التي يدخلها على قلبه .


ولكي يجعل الوضع أفضل ، بدأ في رسم صورة من وحي خياله ، ونسج في تلك الصورة حتى أدق التفاصيل الواقعية ، فقد تخيل نفسه جالساً وسط كومة هائلة من أنواع الجبن المفضل لديه ، بدءاً من الشيدر ، و انتهاءً بالبراي ! وتخيل نفسه وهو يأكل ما لذ و طاب منها . استمتع هاو بما رآه ، ثم تخيل كيف أنه يستطيع أن يستمتع بتذوقها جميعاً .



كلما اتضحت صورة ذلك الجبن الجديد داخل عقله ، زادت واقعيتها ، وازداد شعوره بقرب عثوره عليه .
ثم كتب :

عندما تخيلت نفسي وأنا استمتع بالجبن الجديد ، حتى قبل أن أعثر عليه ، وجدت طريقي إليه


حدّث هاو نفسه قائلاً : " لماذا لم أفعل هذا من قبل ؟ "
بدأ هاو يجري داخل المتاهة ، لكن بقوة و رشاقة أكبر مما مضى ، ولم يمض وقت طويل حتى عثر على محطة الجبن ، وشعر بالسعادة وهو يلحظ قطع جبن جديدة قد وضعت بجانب المدخل .



ولم يكن قد رأى قط في حياته أصناف الجبن تلك ، لكنها بدت له رائعة . تذوقها ، فوجد طعماً طيباً للغاية ، وتناول هاو معظم قطع الجبن الموجودة ، ووضع بعضاً منها في جيبه كي يتناولها فيما بعد، أو ليتقاسمها مع هيم ، وبدأ يستعيد قوته .


دلف هاو إلى محطة الجبن تغمره السعادة والإثارة . لكن ، ولسوء حظه ، وجدها خاوية ، فقد سبقه إليها شخص ما ، لم يترك سوى تلك القطع من الجبن الجديد .


وأدرك أنه لو كان قد عجل الخطى ؛ لوجد كمية كبيرة من الجبن هنا .


وقرر هاو أن يعود أدراجه كي يرى إذا ما كان هيم على استعداد للانضمام إليه .


وبينما هو يقتفي آثار العودة ، توقف وكتب على الحائط :

كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، عثرت على الجبن الجديد

وبعد فترة نجح هاو في العودة إلى محطة الجبن " ج " ووجد عندها هيم ، وعرض على هيم تناول بعض قطع الجبن الجديدة ، لكن الأخير رفض العرض .


وشكر هيم صديقه على هذه اللفتة الجميلة ، وقال له : " لا أعتقد أنني سأستمتع بالجبن الجديد ، فأنا لست معتاداً عليه ، كل ما أريده هو جبني المفضل ، ولن أتغير أبداً حتى أحصل على ما أريد " .


هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة الأمل ، وجعل يؤخر رجلا ويقدم الأخرى ، معاوداً الانطلاق بمفرده من جديد ، ومع وصوله إلى أبعد نقطة كان قد وصل إليها في المتاهة ، بدأ يشعر بالحنين إلى صديقه ، لكنه أدرك أنه بصدد اكتشاف شيء ما . فحتى قبل أن يعثر على ما كان يعتقد أنه كمية هائلة من الجبن الجديد أدرك أنه لم يكن يشعر بالسعادة لمجرد عثوره على الجبن .


لقد كان سعيداً لأنه لم يصبح أسيراً لخوفه بعد الآن ، وبدأ يستمتع بما يفعل .


وحينما أدرك ذلك ، لم يشعر بذلك الضعف الذي انتابه حين كان يجلس في محطة الجبن ج الخاوية ، وحينما أدرك أنه منع نفسه من أن يستوقفها الخوف ، واتخذ وجهة جديدة ؛ شعر بالحياة تدب في أوصاله من جديد .


لقد وجد الآن أن المسألة أصبحت مسألة وقت قبل أن يصل إلى ضالته المنشودة بالفعل .
وابتسم حين أدرك أنه :

من الأسلم أن تبحث في المتاهة ، من ان تبقى دون جبن


و أدرك هاو كما أدرك من قبل ، أن ما تخشاه لن يكون بنفس القتامة التي يصورها لك عقلك ، وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضع القائم بالفعل .


لقد كان هاو متخوفاً لدرجة كبيرة من أن لا يعثر على الجبن الجديد ، لدرجة أنه لم يرغب في الاستمرار في البحث عنه ، لكن ما إن عاود رحلته مجدداً ، عثر على قطع من الجبن في الممرات تكفيه لمواصلة المسير . الآن بدأ يتطلع إلى العثور على المزيد و المزيد ، وأصبح مجرد التطلع إلى ما هو آتٍ أمراً ممتعاً في حد ذاته .


لقد كان تفكيره القديم مغلفاً بسحابة من الخوف والقلق ، فقد كان يشعر دائماً أنه لن يعثر على جبن كافٍ ، أو انه لن يحظى به للمدة التي يريدها ، وكان كثيراً ما يشغل باله بما قد يحدث له من مصائب، لا من مفاجآت سارة .


لكن هذا التفكير تغير في الأيام التي أعقبت تركه لمحطة
الجبن ج .


واعتاد هاو أن يعتقد بأنه لا ينبغي تحريك الجبن ، وأن هذا التغيير ليس صائباً .


أما الآن فقد أدرك أن عدم التغيير أمر ينافي نواميس الكون و الطبيعة ، فلابد للتغيير أن يقع باستمرار سواء توقعناه أم لا ، ولايمكنك أن تفاجأ بالتغيير ، إلا إذا لم تكن تتوقعه و تبحث عنه .


وحينما أدرك هاو التغيير الذي اعترى معتقداته ، توقف كي يكتب على الحائط :

إن المعتقدات البالية لا ترشدك إلى جبن جديد


لم يعثر هاو على أي جبن بعد ، لكن كل ما كان يشغل تفكيره وهو يعدو في ممرات المتاهة هو ما تعلمه حتى الآن .


لقد أدرك الآن أن هذه المعتقدات الجديدة تدفعه إلى التصرف على نحو جديد ، فقد بدأ الآن يسلك مسلكاً يختلف عن مسلكه عندما كان يصر على العودة إلى محطة الجبن الخاوية .


وأدرك هاو أنك عندما تغير معتقداتك ، فأنت تغير تصرفاتك .


عليك أن تعتقد بأن عدم التغيير قد يضرك ، وأنه لابد لك أن تقاومه ، أو يمكنك أن تعتقد بأن عثورك على جبن جديد سوف يساعدك على استيعاب التغيير والتكيف معه .


كل ذلك يعتمد على المعتقد الذي تختار أن تؤمن به .
كتب هاو على الحائط قائلاً :

عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به ؛ فستغير طريقك


و أدرك هاو أنه كان سيصبح في حالة أفضل الآن لو أنه استوعب التغيير في محطة الجبن ج بسرعة ودون تلكؤ ، وساعتها كان سيشعر بالقوة تدب في جسده وروحه ،
ويستمر في التحدي حتى يعثر على الجبن الجديد ، بل كان في إمكانه العثور عليه بالفعل لو أنه توقع التغيير ، بدلاً من إضاعة وقته في مقاومته ، بعد أن حدث بالفعل .



واستجمع هاو قواه وقرر مواصلة المسير في الأجزاء الجديدة من المتاهة وبدأ يجد بعض قطع الجبن المتناثرة هنا و هناك ، فعادت إليه بعض طاقته وثقته بنفسه .


وعندما فكر في الطريق الذي جاء منه شعر بسعادة ؛ لأنه كتب على الحائط في أماكن كثيرة ، فقد أيقن أن تلك العبارات ستكون دليلاً له أثناء سيره في المتاهة ، إذا اختار أن يترك محطة الجبن ج .


وتمنى هاو لو أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وفكر في إمكانية أن يقرأ هيم كتابته على الحوائط كي يعرف طريقه هو الآخر .


ثم كتب هاو على الحائط ما عبر عما كان يدور بخلده لفترة من الزمن :

ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع التغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً


والآن فقد طوى هاو صفحة الماضي ، وبدأ يتطلع إلى المستقبل .


واستمر يقطع دروب المتاهة بقوة وسرعة أكبر مما مضى ، ولم يمضِ وقت طويل حتى حدث ما كان يتمناه .


وفي الوقت الذي شعر فيه هاو بأنه سيظل بهذه المتاهة إلى الأبد ، أفضت رحلته أو على الأقل هذا الجزء من رحلته إلى نهاية سريعة و سعيدة .


لقد عثر على جبن جديد في محطة الجبن ن !



حينما دلف إلى داخلها ، لم يصدق ما رأته عيناه : جبال عالية هنا و هناك من الجبن الذي لم يره في حياته قط ، ولم يستطع التعرف على كل الأنواع الموجودة أمامه ؛ حيث إن بعضها كان جديداً عليه تماماً .


ثم تساءل هاو للحظات عما إذا كان ما يراه حقيقة أم من نسج الخيال ، إلى أن وقعت عيناه على صديقيه سنيف و سكورى .


رحَب سنيف به بإيماءة من رأسه ، أما سكورى فقد لوَح له بكفه ، وظهر من معدتيهما الممتلئتين أنهما سبقاه إلى المكان بفترة ليست بقصيرة .


ألقى هاو التحية عليهما ، ثم سارع إلى تناول قضمات من أنواع الجبن المفضلة لديه ، ثم خلع عنه حذاءه ورداء التريض ووضعهما بالقرب منه حتى إذا احتاجهما مرة أخرى تناولهما سريعاً ثم انقض على الجبن الجديد ، وحينما أخذ كفايته ، تناول قطعة من الجبن الطازج في يده و صاح : " مرحباً بالتغيير ! " .



وبينما أخذ يستمتع بمذاق الجبن الجديد ، استرجع ما مر به من أحداث وما تعلمه خلاله وأدرك أنه عندما كان خائفاً من التغيير ، فقد كان متمسكاً في الواقع بوهم الجبن القديم ، والذي لم يعد موجوداً .


وتساءل هاو : " إذن ما الذي غيرني هل هو خوفي من أموت جوعاً ؟

وحدث نفسه قائلاً : " لقد كان لذلك تأثيره " .



ثم ضحك وأدرك أنه لم يكن ليتغير لولا أن بدأ يسخر من نفسه ومما كان يرتكبه من أخطاء ، واكتشف أن أسرع طريقة للتغيير هي أن يضحك الإنسان من حماقته ، وساعتها ، سينسى ما فعل، وسوف يواصل المسير .


وأدرك هاو أنه تعلم شيئاً مفيداً من صديقيه الفأرين ، سنيف و سكورى في أمر التنقل إلى موضع آخر ، فقد كانا يعيشا حياتهما ببساطة . لم يحاولا المبالغة في تحليل وتعقيد الأمور،

وعندما تغير الموقع ، وتحرك الجبن ، غيرا من أنفسهما و تحركا مع الجبن ، ولم يكن بدٌ من أن يتذكر ذلك .


استخدم هاو عقله الرائع كي يفعل ما يفعله الأقزام بأسلوب أفضل من الفئران .

وتدبر الأخطاء التي ارتكبها في الماضي ، واستخدمها كي يخطط مستقبله ، لقد أدرك أن باستطاعة الإنسان أن يتعلم كيف يتعامل مع التغيير :


كيف يأخذ الأمور ببساطة ، كيف يكون مرناً ، وكيف يكون سريع التصرف .


يتعلم ألا يبالغ في تعقيد الأمور ، وألا يقع فريسة لمعتقدات مفزعة .


يتعلم أن يلاحظ التغيرات البسيطة ؛ لكي يكون مستعداً للتغيير الجذري ، الذي قد يحدث في المستقبل.


أدرك هاو أنه بحاجة إلى التكيف سريعاً مع التغيير ؛ لإنه إن لم يفعل ذلك ، فقد لاتواتيه تلك الفرصة أبداً .


وكان عليه أن يعترف بأن أكبر عقبة تقف في طريقه تكيفه مع التغيير موجودة بداخله هو ، وأن الأمورلا تتحسن إلاَ بعد أن تتغير أنت .


الأهم من هذا وذاك ، أن هاو قد أدرك أن هناك دائماً جبناً جديداً أمام عينيك ، سواء لاحظته أم لم تلاحظه ، وأنك تستمتع به فقط عندما تتخلص من مخاوفك وتخوض المغامرة .


وأدرك هاو كذلك أنه لاضير من بعض الخوف ، إذ إنه قد يحميك من خطر محقق ، ولكنه اكتشف أيضاً أن معظم مخاوفه لم يكن لها مايبررها ، بل إنها منعته من أن يتغير في الوقت الذي كان لزاماً عليه أن يتغير .


لم يعجبه التغيير وقتها ، لكنه أدرك فيما بعد أن ذلك التغيير هدية السماء إليه كي ترشده إلى المزيد من الجبن ، رغم أنها كانت ترتدي قناعاً .



لقد عثر هاو على جزء جميل من نفسه ، وبينما كان يتذكر الدروس المستفادة ، فكر في صديقه هيم ، وتساءل عما إذا كان هيم قد قرأ شيئاً من عباراته التي كتبها على الحائط عند محطة الجبن ج أو في باقي المتاهة .


ترى ما الذي كان يحدث لو طوى هيم صفحة الماضي ، وواصل المسير ؟


ترى ما الذي كان يحدث لو دخل المتاهة ، واكتشف ما كان يجعل حياته أفضل ؟


فكر هاو في العودة مجدداً إلى محطة الجبن ج ؛ ليرى ما إذا كان باستطاعته العثور على هيم ، وهو يفترض أنه يستطيع العودة إلى النقطة التي كان فيها ، وفكر في أنه إذا عثر على هيم ، فسيمكنه عندئذٍ أن يريه كيف يخرج من مأزقه ،


ولكنه أدرك أنه قد حاول بالفعل أن يجبر صديقه على التغيير.

وكان على هيم أن يجد طريقه بمفرده ، متغلباً على أوجاعه ومتجاوزاً مخاوفه ، ولايمكن لشخص آخر أن يؤدي له ذلك بالنيابة عنه ، أو أن يقنعه بذلك ما لم يكن الاقتناع داخلياَ .

كان يتعين على هيم أن يشعر بمزايا التغيير نفسه .


وعلم هاو أنه قد ترك خلفه أثراً لهيم كي يتعقبه ، وأنه يستطيع بمفرده أن يجد طريقه ، فقط إذا قرأ العبارات التي كتبها هاو بخط يده على الجدران .


The Big Idea:

Cheese is a metaphor for what you want to have in life – whether it is a good job,
a loving relationship, money, or spiritual peace of mind. Cheese is what we think
will make us happy, and when circumstances take it away, different people deal
with change in different ways. Four characters in this delightful parable represent
parts of ourselves whenever we are confronted with change. Discover how you
can let change work to your advantage and let it lead you to success!


b>The Maze
:


Four characters live in a maze and look for cheese to nourish them and make
them happy. The maze is where you spend time looking for what you want. It
may be the organization you work in, the relationships you have in your life, or
the community you live in.


Parts of All of Us:


Two of the characters named Sniff and Scurry are mice. They represent parts of
us that are simple and instinctive. Hem and Haw are the little people,
representing those complex parts of us as human beings. Sometimes we are like
Sniff, who anticipates change early by sniffing it out, or Scurry, who quickly
scurries into action and adapts. Maybe we are more like Hem, who denies
change and resists it out of fear, or Haw, who learns to adapt in time when he
sees something better. Whatever part of us we choose, we all share the common
need to find our way in the maze of life and succeed in changing times.



Wisdom in a Nutshell from Who Moved My Cheese?


• Anticipate change.
• Adapt quickly.
• Enjoy change.
• Be ready to change quickly, again and again.
• Having Cheese makes you happy.
• The more important your Cheese is to you, the more you want to hold on
to it.
• If you do not change, you can become extinct.
• Ask yourself “What would I do if I weren’t afraid?”
• Smell the Cheese often so you know when it is getting old.
• Movement in a new direction helps you find New Cheese.
• When you move beyond your fear, you feel free.
• Imagining myself enjoying New Cheese, even before I find it, leads me to it.
• The quicker you let go of old cheese, the sooner you find New Cheese.
• It is safer to search in the maze than remain in a cheeseless situation.
• Old beliefs do not lead you to New Cheese.
• When you see that you can find and enjoy New Cheese, you change
course.
• Noticing small changes early helps you adapt to the bigger changes that
are to come.
• Read the Handwriting on the Wall
• Change happens. They keep moving the Cheese.
• Move with the Cheese and enjoy it!

http://www.whomovedmycheese.com/spencerjohnson/.

Take care of urself and ur blue rose

My best regards

Anonymous said...

خدى اسمعى دى

http://www.2shared.com/file/2856749/a55017ea/a7lammp3.html

:)

Maha said...

أعجبتني كثيرا :)

كثيرا كثيرا

Anonymous said...

ماذا عن الأصدقاء من قال أنهم لن يجدوا نفعا